البرلمان التونسي يناقش الدستور وتخوف من مناورات النهضة

تونس- بعد نجاح رباعي الحوار في تونس، في الخروج بالبلاد من الأزمة السياسية التي عصفت بها إثر اغتيال النائب محمد البراهمي، تتجه الأنظار اليوم في تونس إلى قبة البرلمان، حيث سيبدأ النواب مناقشة الدستور الجديد الذي طال انتظاره والذي قد يرى النور مع الذكرى الثالثة للثورة.
بعد توصل لجنة التوافقات داخل المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) إلى حلّ مُجمل القضايا الخلافية والتوافق حول تعديل عدد من البنود المختلف بشأنها ضمن الدستور المنتظر، والتي شملت أساسا الأبواب المتعلقة بالتوطئة العامة، وتوزيع السلطات بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة، إضافة إلى تضمين قانون العدالة الانتقالية في الدستور. وكذلك إلى جانب التوافق حول مواصلة المجلس التأسيسي مهامه إلى حين انتخاب مجلس نيابي جديد، وعلى إسناد مهمة مراقبة دستورية القوانين خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية إلى هيئة قضائية مؤقتة.
ومن المتوقع أن يبدأ المجلس التأسيسي في تونس، اليوم الجمعة، التصويت للمصادقة على الدستور الجديد فصلا فصلا (بصفة تفصيلية) قبل المصادقة عليه كاملا. ومن المنتظر، أن يقوم المجلس التأسيسى، بالمناقشة ثم التصويت على مواد مشروع الدستور كلا على حدة بالأغلبية المطلقة (50% +1) على أن يتم التصويت على مجمل مواد مشروع الدستور في جلسة لاحقة بأغلبية الثلثين، ما يُلزم موافقة 145 نائبا على الأقل من أصل 217 عضوا في المجلس حتى يتمّ المُصادقة.
|
وبحسب حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، فإن نص الدستور الذي وضعت صياغته في الأول من حزيران/ يونيو ورفضته المعارضة، سيتم عرضه على التصويت مع إدراج ملحق بالتوافقات التي تم التوصل إليها مع المعارضة خلال كانون الأول/ ديسمبر. وأكدت عضو المجلس التأسيسي عن حزب المسار المعارض، نادية شعبان، أن “التوافقات لم يتم إدراجها كمواد في مشروع الدستور ويمكن أن تتم إضافة مواد بحد ذاتها (…) لسنا في مأوى من مفاجآت في اللحظات الأخيرة حول المسألة الدينية مثلا”.
وسبق لحركة النهضة أن أعلنت عدة مرات منذ ربيع 2012، أنها تخلت عن إدراج تطبيق الشريعة الإسلامية في الدستور. وفي المقابل حصل الحزب على الموافقة على الإشارة للإسلام كمرجعية في نص القانون الأساسي. واعتبرت نادية شعبان أن «التسرّع» المفاجئ للمصادقة على الدستور سيحتم «ضيق الوقت» و«من المؤسف أن لا تتم صياغة قانون أساسي لعدة أجيال بصفة جيّدة». ورأت أن المصادقة النهائية على الدستور ستنتهي قبل 14 كانون الثاني/ يناير، وهي الذكرى الثالثة لهروب الرئيس زين العابدين بن علي من تونس في أول نجاح لثورات الربيع العربي.
وشهد إعداد الدستور تجاذبات كبرى بين مختلف الكتل النيابية في البرلمان والقوى السياسية في البلاد. ويعتبر الدستور محطّة فاصلة في تاريخ تونس ومسار الثورة التي انطلقت من محافظة سيدى بوزيد في الـ17 من كانون الأول 2010، إذ يعد أحد الركائز الأساسية لإنهاء المرحلة الانتقالية التي تعيشها تونس عقب الثورة.
ويرى مراقبون أن لجنة التوافقات داخل المجلس التأسيسي، حسمت بشكل عام أغلب الخلافات الكبيرة بين القوى السياسية، ممّا يجعل المصادقة على مشروع الدستور في 14 من الشهر الجاري أمرا واردا، وذلك دون المرور إلى الاستفتاء الشعبي. وقال رئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت)، في تعليقه على التوافقات الحاصلة، إن خبراء القانون الذين أشرفوا على مراجعة الدستور بعد انتهاء عمل لجنة التوافقات، أكدوا أن النسخة النهائية للدستور المرتقب جيّدة.