الرئيس العثماني متعطش لرئاسة مطلقة للدولة الكمالية

المتابع لتفاصيل المعركة الانتخابية الدائرة الآن في تركيا والتي ستنجلي نتائجها مساء السابع من يونيو، يلحظ أن عوامل عديدة تلهب المنافسة في الانتخابات البرلمانية.
وكشف علي جلال معوض، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وخبير الشؤون التركية لـ”العرب”، أن أكثر من 50 بالمئة من الأتراك يتشككون في نية حزب العدالة والتنمية الحاكم إجراء انتخابات برلمانية نزيهة.
وأوضح معوض، لـ”العرب”، أن ما يزيد من أهمية الانتخابات المرتقبة عدم وجود مناسبات انتخابية أخرى قريبة، سواء رئاسية أو محلية قبل عام 2019، وهو ما يعطي حزب العدالة والتنمية حال فوزه بالأغلبية الكفيلة بتشكيل الحكومة منفردا، فرصة كبيرة ليستمر في تنفيذ سياساته، مع تقييد أكبر لأحزاب وقوى المعارضة.
واعتبر معوض الحديث عن تطمينات أحمد داود أوغلو بأن الحزب سيقلل من حدة التصعيد في خطاباته ومواقفه بعد الانتخابات وسيتبنى مواقف جامعة غير مضمونة التحقيق، قياسا بممارسات الحزب في السنوات الأخيرة، وفي ظل احتمالات تغيير أوغلو ذاته بعد الانتخابات، نتيجة الفتور الواضح في العلاقة مع أردوغان، بسبب عدم ارتياح الأول لتدخلات الرئيس في كل تفاصيل عمل الحكومة.
أغلبية صعبة
قال معوض إن أغلب التوقّعات تشير إلى أن حزب الشعب الجمهوري سيحافظ على المركز الثاني، من حيث نسبة الأصوات (بتقديرات تتراوح بين 25 و28 بالمئة)، ويأتي حزب الحركة القومية في المركز الثالث (بنسب تتراوح بين 15 و18بالمئة).
|
قدرة أردوغان على تحقيق الأغلبية من أجل تعديل الدستور بما يحول تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي ستكون أمرا صعبا حسب علي معوض، لاسيما مع تأكيد كافة الأحزاب الأخرى معارضتها لفكرة النظام الرئاسي، لافتا إلى أن هذا الأمر يرتبط بشكل أساسي بعدد المقاعد التي سينجح في الفوز بها من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 550 مقعدا.
وكشف علي جلال معوض أن غالبية التحليلات تشير إلى صعوبة نجاح العدالة والتنمية في تحقيق الأغلبية المطلوبة لتعديل الدستور منفردا، دون اللجوء إلى الاستفتاء، لاسيما في حال نجاح حزب الشعوب الديمقراطية في تجاوز الحاجز الانتخابي، وهو ما يفسّر تركيز أردوغان على توفير الجزء الأكبر من هجومه على الحزب الكردي.
تعديل الدستور
تعتمد تركيا على دستور عام 1982، الدستور الذي سنّ غداة الانقلاب العسكري الذي وقع في الثاني عشر من سبتمبر من العام 1980. وهو رابع دستور أسس لجمهورية تستند إلى نظام برلماني يعتمد على الفصل بين السلطات. وحول الهدف الحقيقي من تعديل الدستور ونظرة المجتمع التركي لهذه القضية، أكد جلال معوّض أن الكثير من الأتراك لا يعتبرون شكل النظام السياسي، سواء كان برلمانيا أو رئاسيا، قضية مهمة، أو حتى تساوي في أهميتها قضايا أخرى، مثل مسألة سيادة القانون والفصل بين السلطات والفساد وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض قيمة العملة ومشكلات الإدارة الاقتصادية، أو حتى القضية الكردية.
وأوضح أن التركيز على مسألة النظام الرئاسي انعكاس لطموح أردوغان الشخصي، الذي سعى منذ فوزه بالرئاسة إلى اعتبار هذه القضية أولوية قصوى، ضمن محاولاته لتوسيع صلاحياته وإشباع طموحاته الديكتاتورية، رغم أن صلاحيات الرئيس في الدستور الحالي معقولة. كما يهدف أردوغان من وراء إثارة قضية تعديل الدستور إلى صرف الأنظار عن القضايا الأخرى التي حقق فيها الحزب نتائج سلبية تسببت في تراجع شعبيته في الشارع التركي.
وتوقع علي جلال معوض أن تتصاعد حالة الاستقطاب القائمة في تركيا، إذا نجح الحزب الحاكم في التحول إلى نظام رئاسي قوي يجمع بين مزايا النظم الرئاسية الديمقراطية والسلطوية، وهو أمر قد يؤثر على فرص حزب العدالة والتنمية ذاته وقدرته على مواصلة حضوره السياسي وتنفيذ سياساته.