"العقل والتجربة في الفلسفة العربية" والنظر من نافذة علم النفس

يندرج كتاب أستاذ التحليل النفسي والفلسفات النفسانية علي زعيور “العقل والتجربة في الفلسفة العربية” في ما يسمى “مشروع المدرسة العربية الراهنة في الإنسانيات”، وقد بدأ ذلك المشروع وقُدِم من الجامعة اللبنانية إلى الجامعات العربية، في دعوة لأن تنتقل من التلقين والاستمساكي والذكريات إلى الإبداعي والاقتحامي، أي إلى المتحرر وأيضا المحرر والاكتشافي.
تأتي رؤية زيعور لهذا المشروع عبر تقديمه هذا الكتاب انطلاقا من أن “الفلسفة وعلم النفس حقلان متماسكان ومتكاملان، فالفلسفة بحاجة لعلم النفس لتَعرف العقل، والعقل كما يُعرف ثم يُعَرّف يستلزم الفلسفة لنشاطه وبيئته، لقدراته ووظائفه، لحدوده ومحايثه”.
ويُرافق المؤلف أثناء قراءته لبنية الفلسفة العربية الإسلامية الأمل بالإبقاء على الأصلح منها والأقدر على التكيف والإسهام في الفكر العربي اليوم بإيجابية، والتعمير في الشخصية والعقل.
وهو إلى جانب ذلك يحيل عدم فضحه ورده على الاستشراق وغطرسة الذات الأوروبية المستفزة والمشككة في حضور فلسفة بالعربية إلى أن “الاستشراق لم يبق سؤالا فلسفيا، ولا هو قضية فلسفية أو ميدان فكري، إنه بالأحرى، وبحسب ما سبق أن حاكمناه وقاضيناه، موضوعة أحلناها إلى تاريخ البُعد الأوروبي للفلسفة العربية الإسلامية، كما هو أيضا ظاهرة مرضية أو غير سوية، اعتلالية أمرضت ووترت الفلسفة العربية باللاتينية”.
|
إن الأسلوب الذي اعتمده علي زيعور في قراءته لبنية الفلسفة العربية الإسلامية هو أسلوب “الجلسات”، من تلك التي يلجأ إليها المحلّلون النفسيّون في علاج مرضاهم.
كما يرتكز منهجه أيضا على عدة مفاهيم أو أجهزة، فمن ذلك التمييز بين “الطباقية والمواقعية، الحقبنة والمرحلانية، القراءة الطبيبية، التي هي المعاينة أي التفحص والتشخيص ثم الطرح لإعادة الإدراك أو العلاج”. كما سعى في مؤلفه إلى تقليص الفراغ والنقص في المنهج الفكري والنفسي للتحليل.
في النهاية لا بد من التذكير بأن هذا الكتاب “العقل والتجربة في الفلسفة العربية”، هو الحادي عشر من مجموعة الكتب التي تكرست لتعزيز المدرسة العربية الراهنة في علوم العقل والإنسان والسلوك والمجتمع، يدرس الذات الفاعلة كما اللاعقل ويتناول مسألة الثقافة في وسطها الطبيعي.