انسحاب قوات حفظ السلام صداع مفتعل في سيناء

كشف مصدر أمني لـ"العرب" أن المعلومات التي تداولتها بعض وسائل الإعلام بخصوص سحب قوات حفظ السلام العاملة في سيناء، تهدف إلى خلق بؤرة صداع جديدة للضغط على مصر والإيحاء بأن سيناء على وشك أن تدخل نطاق عدم السيطرة.
وقال المصدر إن مصر تعي أبعاد الحملة التي تقودها بعض وسائل الإعلام الأميركية، التي ترمي إلى الترويج لفكرة أن سيناء حافلة بالفوضى والانفلات، بسبب النشاط المحموم للجماعات الإرهابية، مع أن قوات الأمن حققت تقدما واضحا، وبدأت أجهزة الدولة تشرع في تدشين مشروعات تنموية طموحة، باستثمارات مصرية وأجنبية.
معروف أن قوات حفظ السلام في سيناء لعبت دورا حيويا في التزام مصر وإسرائيل، بالحفاظ على معاهدة السلام بين البلدين، ومع ذلك تصاعدت بعض الأصوات الأميركية، للمطالبة بسحب هذه القوات، التي تساهم فيها الولايات المتحدة بنسبة كبيرة، بهدف الإيحاء بأن ما يجري من مواجهات بين قوات الأمن المصري والعناصر الإرهابية، يمثل خطرا على القوات الدولية.
وكانت بعض وسائل الإعلام، ذكرت أن الولايات المتحدة تراجع بهدوء وضع قواتها في شبه جزيرة سيناء، بزعم أن قوات حفظ السلام أصبحت مستهدفة من قبل مسلحي تنظيم داعش، وأن الإدارة الأميركية قد تسحب القوات مؤقتا، حال وجدت الخطر وشيكا.
بدورها، زعمت مصادر أميركية أن المخاوف بشأن أمن قوات حفظ السلام، تزايد بعد وقوع هجوم يوم 9 يونيو الماضي بقذيفة هاون على مطار الجورة الواقع بشمال سيناء، والذي يجاور إحدى معسكرات قوات حفظ السلام، إضافة إلى وصف تنظيم ما يسمى بـ“ولاية سيناء” قوات حفظ السلام بأنها “قوات صليبية” تدعم إسرائيل.
|
ترابط القوات الأميركية في شبه جزيرة سيناء منذ توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، واليوم هناك نحو 700 جندي أميركي ووحدات دعم لوجيستي، وهي مكلّفة بمهام الرصد والتنسيق، ولديها قدرات هجومية محدودة.
وكان مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، قال إن بلاده “تدرس الأوضاع الأمنية المتدهورة في شمال شرق سيناء، حيث يتعرض المدنيون والقوات المصرية وقوات حفظ السلام الدولية هناك لخطر محتمل”.
وعلمت “العرب” من مصادر في واشنطن، أن الجيش الأميركي أرسل تحذيرات لإدارة أوباما من “إمكانية خطف جنود وقتلهم، على يد تنظيم داعش في سيناء”.
وتابعت المصادر “تدرس إدارة أوباما طلب البنتاغون بشأن صعوبة الاستمرار في سيناء، في ظل الأوضاع الراهنة، وأن البديل للانسحاب هو ضخ أموال لإقامة تحصينات حول المواقع التي تتواجد داخلها القوات الأميركية في سيناء".
لكن المصادر أكدت لـ“العرب” أن الرئيس أوباما يتخوف من اتخاذ القرار في هذا التوقيت، حتى لا يتم تفسيره على أنه تراجع في مواجهة تهديد التنظيمات الإسلامية المتشددة، وحتى لا تغضب القاهرة، وتتصور أن التلميحات الإيجابية التي تلقتها من واشنطن مؤخرا، تندرج تحت بند المناورات.
في تقدير بعض الخبراء أن قوات حفظ السلام الدولية بسيناء، ليست مجهزة جيدا للتعامل مع التهديدات المتنامية في سيناء، لكن مصر وإسرائيل تنظران إلى القوات الأميركية تحديدا، على أنها ضمان مهم للأمن والاستقرار بين البلدين.
وقال محمود خلف، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، أن القوات تتولّى متابعة التزام مصر وإسرائيل ببنود اتفاقية السلام الموقعة بينهما، وأن دعوة بعض وسائل الإعلام لسحب هذه القوات تؤكد أن مصر تواجه حربا شرسة.
بدوره، أوضح أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أن القاهرة اطلعت على جميع التصريحات والمقالات الأجنبية، حول المطالبة بسحب قوات حفظ السلام من سيناء، في ضوء ما وصفته بتردي الأوضاع الأمنية هناك.
وأكد لـ“العرب” أن هذا الأمر لم يطرح من قريب أو بعيد بشكل رسمي، لافتا إلى أن القوات متعددة الجنسيات موجودة في سيناء، وفقا لاتفاقية دولية، وهناك أطراف لهذه الاتفاقية، وأي قرار يتعلق بشأنها يجب أن يؤسس على مشاورات من هذه الدول.
في سياق متصل، أشار طلعت مسلم الخبير العسكري لـ“العرب” إلى صعوبة سحب قوات حفظ السلام من سيناء، إلا بعد موافقة جميع الأطراف، وأن القوات متمركزة في ثلاث مناطق بين مصر وإسرائيل، وبين مصر وفلسطين، وعند خليج العقبة، موضحا أن الجماعات الإرهابية استهدفت قوات حفظ السلام أكثر من مرة دون وقوع إصابات.
وقال مسلم إن قوات حفظ السلام هي قوات مراقبة من الدرجة الأولى، وأن تقارير بعض وسائل الإعلام الأميركية المحرضة على الانسحاب، "محاولة لتدويل مشاكل المتطرفين في سيناء".