ثورة الغاز الصخري تهدد الطلب على المنتجات النفطية

دبي- يرى خبراء أن انتاج النفط الصخري قد يشكل خطرا على الصادرات النفطية لدول الخليج، التي اكتسبت بفضل الذهب الأسود دورا محوريا في الأسواق العالمية وأهمية جيوسياسية.
ما زالت السعودية المنتج الأول للنفط في العالم، إلا أن انتاجها يزيد بهامش بسيط عن انتاج الولايات المتحدة الذي يتزايد بسرعة، وذلك جزئيا بفضل انتاج الغاز الصخري. وقد يؤثر انتاج النفط في الولايات المتحدة في المستقبل على صادرات السعودية التي ضخت للولايات المتحدة 16بالمئة من وارداتها العام الماضي.
واطلق الأمير والملياردير السعودي الوليد بن طلال تحذيرا من اعتماد السعودية على الصادرات النفطية في دخلها، واعتبر أن النفط الصخري "قادم لا محال". إلا أن الطلب على المدى المتوسط سيستمر على الأرجح، لاسيما بفضل عطش الدول الآسيوية للطاقة، وذلك إذا ما حافظ النمو الاقتصادي على وتيرته الحالية.
وقال صندوق النقد الدولي في تقرير نشر في تموز/يوليو، إن "المملكة ستحافظ في المدى المتوسط على موقعها المحوري في أسواق النفط العالمية التي ستحدد معالمها عوامل العرض والطلب". إلا أنه حذر من إمكانية أن تؤدي "ثورة الغاز الصخري في شمال أميركا" إلى تخفيض الطلب على المنتجات النفطية "في المستقبل".
وفي اختلاف مع رأي صندوق النقد الدولي، رأى الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي أن تأثير انتاج الغاز الصخري على دول الخليج والعراق سيأتي قريبا. وتعوم دول الخليج والعراق على حوالي 40 بالمئة من احتياطات النفط العالمية. وقال الحرمي لوكالة فرانس برس "دول الخليج ستتأثر في المدى القصير وليس فقط في المدى المتوسط".
وقال الحرمي "إن انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة أثر كذلك على الصناعات البتروكيماوية في الخليج، لأن المنطقة لم تعد تملك المواد الأولية الأرخص ثمنا في العالم".
وتطورت تقنيات استخراج النفط والغاز الصخري بسرعة في السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة، التي تملك احتياطات من النفط الصخري القابل للاستخراج تقدر بـ58 مليار برميل، بحسب ادارة معلومات الطاقة الأميركية.
والولايات المتحدة هي الرابعة عالميا في هذا الاطار بعد الصين والأرجنتين والجزائر. وقال الحرمي إن "ثلث صادرات الغاز القطرية كانت تتوجه إلى الولايات المتحدة. لقد توقف ذلك" بسبب تعاظم الانتاج المحلي على حد قوله.
وكانت قطر أعلنت في 2010 أنها أصبحت أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم مع طاقة انتاجية سنوية تبلغ 77 مليون طن. كما أشار الخبير الكويتي إلى تأجيل السعودية خططا لرفع قدرتها الانتاجية إلى 15 مليون برميل من النفط يوميا مقارنة بـ12 مليون برميل حاليا.
وتجاوز الانتاج الأميركي من النفط عتبة السبعة ملايين برميل يوميا، وذلك جزئيا بفضل ارتفاع حصة النفط الصخري من الانتاج، فيما تراجعت الواردات إلى ما دون الثمانية ملايين برميل يوميا بحسب ادارة معلومات الطاقة الأميركية. وصدرت السعودية إلى الولايات المتحدة في 2012 حوالي 1.4 مليون برميل يوميا، أي 16 بالمئة من الواردات النفطية الأميركية.
وفي المقابل، ذهبت 54 بالمئة من صادرات السعودية النفطية في 2012 إلى الشرق الأقصى، بمعدل 7.5 مليون برميل يوميا. وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في بنك "اي اف جي هيرمس- الإمارات" الاستثماري مونيكا مالك، إن "الطلب على النفط السعودي والخليجي سيبقى قويا على الأرجح في المدى المتوسط بفضل النمو الآسيوي". إلا أنها اعتبرت أن "أي اعتماد كبير على منطقة واحدة يحمل مخاطر في حال حصول أزمة".
أما الحرمي فرأى أنه سيكون على دول الخليج أن تتنافس في النهاية مع مصدرين آخرين يخسرون السوق الأميركية بسبب انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
في نفس الوقت، تواجه دول الخليج خطرا على مداخيلها بسبب ارتفاع استهلاكها المحلي للطاقة. وقالت مالك "إن الخطر على القطاع النفطي يكمن إضافة إلى مسألة العرض العالمي، في ارتفاع الاستهلاك المحلي".
وتسجل السعودية ارتفاعا سنويا في استهلاك الطاقة بنسبة 10 بالمئة، وهي تستهلك محليا حاليا حوالي أربعة ملايين برميل من المنتجات النفطية يوميا، حسب الحرمي. وأفادت ادارة معلومات الطاقة الأميركية أن "السعودية استهلكت حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميا في 2012، أي حوالي ربع انتاجها الذي بلغ 11.6 مليون برميل في تلك السنة".