حميد شباط لـ"العرب": فرنسا تجاوزت كل الحدود وعلى المغرب أن يراجع حساباته

الرباط- يُلقّب في مدينته فاس بالرجل الأول، ولكنّ يُنظر إليه في كلّ المغرب بأنّه المعارض الأوّل لحكومة عبدالإله ابن كيران بعد انسحابه العام الماضي من التحالف الحكومي. هو حميد شباط أمين عام حزب الاستقلال.. يصفه خصومه بالشعبوي والعدواني، وبالسياسي ذي تاريخ غامض موسوم بخوض حروب بالوكالة لصالح السلطة. حول العديد من القضايا التي تشغل شباط والمغرب، كان لـ«العرب» هذا الحوار الخاصّ معه.
أكّد حميد شباط، رئيس حزب الاستقلال، أنّ “المشاكل الراهنة بين المغرب والجزائر كانت فرنسا المتسبب فيها بالدرجة الأولى”، قائلا إنّ باريس “لا تزال تعتبر أنّ المغرب تحت حمايتها”.
واعتبر شباط، في لقائه مع “العرب” أنّ “التصريحات والممارسات التي قامت بها جهات فرنسيّة، مؤخرا، خطيرة جدا، وعلى المملكة أن تراجع حساباتها، لأنّ المغرب ذو سيادة وهوية وهو بلد قوي”.
وقال زعيم حزب الاستقلال إنّ “المغرب هو البوابة التي تطل على أوروبا، ولذلك عليه أن يجعل لغته الأولى هي اللغة العربية والأمازيغية وليس اللغة الفرنسية.. ولا يمكن لفرنسا أن تعتبرنا من التابعين لها، فنحن لسنا كذلك”.
وفي سياق تحليله لخلفيات التوترات الدبلوماسية الراهنة بين فرنسا والمغرب، أوضح شباط أنّ “الحركات الحالية للملك في أفريقيا تزعج وتقضّ مضجع فرنسا ومن معها من لوبيات جزائرية، ولهذا نحن نظّمنا وقفة احتجاجية أمام السفارة الفرنسية، نبّه فيها الشعب المغربي الرأي العام الفرنسي إلى خطورة المعاملة الفرنسية الأخيرة للمغرب”.
تحركات الملك في أفريقيا أقضت مضجع فرنسا ومن معها من لوبيات جزائرية، وقد نبهنا إلى خطورة المعاملة الفرنسية
وبخصوص تقييم انسحاب حزب الاستقلال من التحالف الحكومي، وحقيقة المتاعب التي عادت عليه، قال شباط “أولا انسحابنا من التحالف الحكومي هو قرار حكيم، ومن أسباب انسحابنا من الحكومة هو أنّ رئيسها عبدالإله ابن كيران والحزب الحاكم اليوم يريدان الاستحواذ على القرارات والانفراد بها، ومن بينها الزيادة في الأسعار التي نعتبرها خطّا أحمرا”.
وأضاف أنّه أصبحت هناك كارثة داخل الحكومة الجديدة تتمثل في حكومة “التكنوقراط”، قائلا لقد “أصبحنا نعيش في ظل دستور 1996، وليس الدستور الحالي بما يحمل من مبادئ الديمقراطية والنزاهة والشفافية، والذي ضحّى لأجله الشعب المغربي … ونحن اليوم في وضعية مرتاحة كمعارضة، وحزب الاستقلال دائما على صواب في تفعيل قراراته”.
وحول التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات الذي يؤكد تورّط ياسمينة بادو القيادية في الحزب ووزيرة الصحة سابقا في ما يعرف بصفقات مشبوهة، أثارت كثيرا من النقاشات حول اللقاحات وسلامتها القانونية، يقول إنها ضجّة اختلقتها الحكومة بهدف تشويه الحزب عامة وياسمينة بادو بشكل خاص.
من جانب آخر، اعتبر شباط أنّ خسارة الحزب لمقعد نيابي في مدينة فاس هو تمرين ديمقراطي، وليس صفعة كما تصفها وسائل الإعلام، ونحن نحترم القرارات القضائيّة، والفرق في الانتخابات القادمة سيكون شاسعا بين حزب الاستقلال وباقي المنافسين.
|
عرف شباط بانتقاداته الجريئة لأنصار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. انتقادات اعتبر البعض أنّها بلغت حدّ الوقاحة، وطالت حتى المهدي بن بركة الذي تزعّم التيار اليساري في المغرب.
وبعد تراجع الاتحاديين أصبح “الإسلاميون” أشدّ خصوم حميد شباط، فهو لا يتردّد في توجيه أقذع الأوصاف إلى حزب العدالة والتنمية وعلى رأسه عبدالإله ابن كيران الذي أضحى العدو اللدود لحميد شباط.
دخل حميد شباط مع ابن كيران في حرب ملأت دنيا المغرب وشغلت ناسها، سألته “العرب”: “ما سبب وصفك لابن كيران بالطاغوت؟”، يجيب ضاحكا: “المعارضة يجب أن تكون معارضة قوية وشرسة، ومضت على تأسيس الحكومة سنتان وإلى حدّ الآن لم تجتمع مع المعارضة، وهذا الإقصاء يُمارس فقط في الدول الديكتاتورية وليس في حكومة منتخبة، وابن كيران ليس طاغوتا فقط، بل أكثر من طاغوت”.
بلغة عربية فصيحة حدثنا عن حياته وبداياته… يقول مبتسما بأن تواضع مستواه الدراسي ووسطه الاجتماعي لم يثنه عن التدرّج عبر الهياكل السياسية والنقابية التي انتمى إليها، إلى غاية بلوغه أعلى هرم تسيير أحد أعرق الأحزاب المغربية وكذلك ثاني أكبر منظمة نقابية في المغرب.. هكذا هو حميد شباط؛ ظاهرة سياسية. ربّما تحتاج السياسة إلى رجل كحميد شباط، رجل سمّي بـ”الاستثنائي” لأنّه يملك شجاعة النمر وحيلة الثعلب.