مسلمو الروهينغا يفرون من ميانمار إلى مرارة الأسر في ماليزيا

بوكيت مرتاجام- يروي بعض المسلمين الروهينغا الفّارين من ميانمار، كيف احتجز المهرّبون المئات منهم في شمال ماليزيا وضربوهم وحرموهم من الطعام وأسروهم ثمّ طالبوهم بدفع فِدًى.
وقد داهمت الشرطة في ولايتي بينانج وكيداه بشمال ماليزيا منازل في الأشهر الأخيرة، ونفذت حملة أمنية في فبراير الفائت وجدت خلالها أربعة من الروهينغا مكبلين بالأغلال في شقة سكنية.
وأغلب الضحايا مسلمون لا يحملون جنسية، قدموا من غرب ميانمار، حيث أسفرت الاشتباكات هناك مع الأغلبية البوذية منذ منتصف 2012 عن مقتل مئات المسلمين وأجبرت نحو 140 ألفا آخرين على الفرار إلى مخيمات يصعب العيش فيها.
ويتعرض البعض للضرب والقتل، ويحتجز آخرون في أوضاع بائسة يعانون فيها سوء التغذية. وكشف تحقيق رويترز أن السلطات التايلاندية تعمل أحيانا مع المهربين سعيا لإخراج الروهينغا من البلاد، بعد أن تكدست فيها معسكرات احتجاز المهاجرين غير الشرعيين.
ومع حالة البؤس التي يعانيها الروهينغا فإنهم يرون في ماليزيا أرض الميعاد التي يعيش فيها ما لا يقل عن 30 ألفا منهم بالفعل. ولا تعطيهم الدولة حقوق اللاجئين كاملة لكنها تسمح لهم بالوجود على أراضيها وتسجيل أسمائهم لدى الأمم المتحدة. هذا وقد اشتغل الآلاف منهم في أعمال متواضعة.
شعر محمد إينوس البالغ من العمر 19 عاما بارتياح غامر عندما تخطى جدارا حدوديا ضمن مجموعة من 270 شخصا في منتصف فبراير الفائت بعد نحو شهر من مغادرته ميانمار. كان ذلك ليلا وباستخدام سلّمين أعطاهما المهربون لهم. وقال “ظننت أن بإمكاني أن أكسب مالا هنا”.
لكن حلم الحرية سرعان ما تلاشى. فقد تلقفته عصابة جديدة على الجانب الماليزي من الحدود وسيق هو ومن معه في سيارات “فان” إلى منزل نوافذه معتمة.
وفور وصوله إلى هناك ضربه المهربون بعصا خشبية طويلة، وهددوه بالقتل إذا لم يضمن لهم الحصول على 2000 دولار من والديه في ميانمار. وقال إينوس إن أبويه بعدما سمعا بكاءه باعا منزلهما مقابل 1600 دولار واقترضا باقي المبلغ من الأقارب. وأضاف في 21 فبراير، بعد ساعات من إلقائه قرب سوق في ولاية بينانج بعد كابوس دام ثمانية أيام، “لا تعبر الكلمات عن قدر ما أشعر بـه من أسى. لا أرض لنا الآن ولا مكان لوالدي”.
وسرد عبدالحميد -وهو ميكانيكي عمره 23 عاما- رواية مماثلة في المجمع الذي احتجز فيه أسبوعا مع أكثر من 200 آخرين في ولاية بينانج الماليزية. وقال إن حوالي 16 حارسا كانوا يراقبونهم، وكان رئيس المهربين يدعى “عبد الرزاق”، وكان حسن المظهر وفي الثلاثينات من العمر، وكان يركل ويضرب ويهدد المحتجزين دوما.
وأضاف عبدالحميد لرويترز، في كوالالمبور بعد الإفراج عنه في منتصف فبراير، “قالوا لا نملك مالا لإطعامكم وعليكم أن تجلبوا مالا إذا كنتم تريدون الخروج.” وتُجاهد ماليزيا لمحو سجلّ طويل في مجال تهريب البشر. وهي بلد يفتقر للعمالة، وبه ما يقدر بنحو مليوني عامل غير مسجلين، ويتقاضى العاملون فيه أجورا أعلى مما يمكن أن يتقاضوه في الدول المجاورة.
ويبدو أن نطاق المشكلة اتسع في الشهور الأخيرة. وقال كريس ليوا منسق مشروع أراكان لدعم الروهينغا، والذي يجري لقاءات بانتظام مع من مَرُّوا بهذه التجارب “العدد يتزايد قطعا … في المزيد من الروايات التي سمعتها أخيرا كان يتم احتجازهم (الروهينغا) في ماليزيا.”
وقال عدد من بين الشهود العشرة الذين استمتعت رويترز إليهم إنّ المهربين أبلغوهم أنهم رشوا مسؤولي الهجرة في ماليزيا ليغضّوا عنهم الطرف لدى عبورهم الحدود. ولم تجد رويترز دليلا مباشرا يثبت فساد مسؤولين ماليزيين. واُعتقل خمسة من مسؤولي الهجرة عام 2009 بسبب عملهم مع عصابة لتهريب الروهينغا إلى البلاد. قال كريم الله وهو شاب عمره 17 عاما، قضى أكثر من ثلاثة أشهر في مخيمات تايلاند قبل أن يحتجزه المهربون في منزل بشمال ماليزيا، “لم نر أي مسؤولين على الجانب الماليزي.. قال الوسطاء إنهم أعطوهم مالا".