مشاهدات محمد علي باشا الصغير في سراييفو وموستار عام 1900

الأمير محمد علي باشا توفيق ولد بالقاهرة (1875 ـ 1954) ابن الخديوي محمد توفيق وشقيق الخديوي عباس حلمي، وكان وصيا على العرش ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وجلوس ابن عمه الملك فاروق على عرش مملكة مصر لحين إكماله السن القانونية بتاريخ 28 أبريل 1936م، ثم أصبح وليا للعهد إلى أن أنجب فاروق ابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني.
"لما أن قضيت سياحتي في أوروبا عام 1900 وانثنيت من باريس معرّجا على (فيينا) عاصمة بلاد النمسا شرعت هناك في رسم خطة أسير على مقتضاها فعنّ لي أولا أن أجعل مبدأ سيري إلى بلاد البوسنة والهرسك من فيينا إلى بودابس عاصمة بلاد المجر ثم منها إلى بنيالوقا ومنها إلى ياسي فالي طراونيق ومنها إلى سراجيفو عاصمة بلدان البوسنة ثم استأنف منها السفر إلى مسطار، أو موسطار أو موستار عاصمة الهرسك لأشرف على مرائي الطبيعة البيضاء لعلي أنفح الروح بنفثة من نورها البليل وأتنسم جوّها الصاحي ونسميها العليل".
وفي الطريق يصف الأمير محمد علي مشاهداته في البوسنة العثمانية فيقول: "وفي غضون ذلك كنت أجد مستخدمي محطة القطار مرتدين الثياب التركية حتى خلتنى وأنا بينهم في بلاد عثمانية أو بين معشرأتراك. وقد لفت نظري هنالك رجل ناف بطوله على المترين وعرفت أنه حارسي من أنه كان يلاحظ النظام.
في موستار
أما النساء المسلمات فيلبسن (الفرجية) وينتقبن ببراقع تستر كل الوجه، غير أن لكل واحد فرجتين بإزاء العينين بقدر ما تسع خيوط النظر.
ومن مشاهدات محمد علي باشا وأخباره في موستار ما يرويه عن واقعة حال، يقول إنه لا يرى بأساً من ذكرها، وهي "أنه موجود في مسطار كما هو موجود في غيرها مدارس للرهبان ويدرسون فيها علومهم ويبثون عقائدهم، وفضلا عن ذلك فهم يدعون إلى النصرانية مع من يقع تحت أيديهم من المسلمين.
بين صربي ومسلم
والأهالي الذين يقومون بحراسة بهائمهم ليلاً يأوون إلى أكواخ وقتية يبنونها بجذوع الشجر وصنوانها وهي تشبه في هيئاتها منازل أبناء الصرب، حيث أن جزءًا من سكان البوسنة والهرسك أصلهم صربيون غير أن ملابس أهالي البوسنة كلها على طراز واحد من غير تمايز بين الصربي العنصر والبوسنوي العنصر والمكان، والذي يراهم لا يشك في أن فيهم وداعة ومسالمة مع ما فيهم من بسالة الأتراك وشجاعتهم.
نساء مبرقعات
كنت أرى في أولئك القوم وداعة وفي أخلاقهم لطفاً وفي عرائكهم لينا، ولعل ذلك كان من أنهم لا يمر بهم السياح كثيرا كما يمرون بغيرهم.
أما النساء المسلمات فيلبسن (الفرجية) من الطراز الذي كان على عهد المغفور له السلطان عبد العزيز وينتقبن ببراقع تستر كل الوجه، غير أن لكل واحد فرجتين بإزاء العينين بقدر ما تسع خيوط النظر، ولذلك كان من النادر أن يرى الإنسان وجوه أولئك السيدات.
وعن طبيعة هذه البلاد يقول الأمير محمد علي: أما جبالها فلم تبلغ في الارتفاع والمنعة مبلغ غيرها ولا يلزم الذي يحاول طلوعها أن يكون أصله من سكان (الألب)، ولكنها جميلة الشكل بديعة المنظر تعتليها حواجز كثرة أغلبها قصيرة الارتفاع وقد أقيمت ثمة لتكون سياجا لها يعلو تلك الجبال من المزروعات. ومما لا أعرفه إلا في تلك الجهات أن كل شيء فيها قصير اللهم إلا الرجال.