مصارف أوروبا تبتكر نشاطات جديدة للتأقلم مع التقلبات الاقتصادية

باريس - تواجه المصارف الأوروبية شكوك الأسواق في متانة أدائها، والذي أدى إلى تراجع أسهمها، رغم نجاحها في اختبارات الإجهاد، التي جاءت في وقت حساس بالنسبة إلى المقرضين في منطقة اليورو.
وتكشف ردود فعل الأسواق غير المنطقية عن المخاوف حيال قطاع مضطرّ للبحث عن مصادر نمو جديدة حتى يبقى مربحا في مواجهة نسب الفوائد المتدنية والغموض المحيط بالتنظيمات.
ورغم أن المصارف الأوروبية باتت أفضل تحصينا منذ الأزمة المالية في 2008، إلا أن محللين أكدوا أن بعض الفجوات لا تزال موجودة، ومنها استمرار الافتقار إلى آلية تعني بالتعامل مع فشل أي من المصارف الكبرى.
وقال داميان لورنت الشريك المسؤول عن الصناعة المالية في شركة ديلويت إن “القطاع المصرفي الأوروبي يعاني من غموض كبير بسبب التشدد في الأنظمة المتبعة”.
وفي منتصف يوليو طلب وزراء مالية الاتحاد الأوروبي من لجنة بازل، التي تضع هذه الأنظمة، ألا تفرض في المستقبل زيادات كبيرة في نسبة ملاءة رأس المال، ما سيحدّ أكثر من مردودية المصارف.
ويرى كريستوفر دمبيك، مسؤول الأبحاث الاقتصادية في ساكسو بنك، أن عدم إصدار البنك المركزي الأوروبي توضيحات “صريحة” لطمأنة المستثمرين على المدى المتوسط، من بين تلك الفجوات.
|
وفي دليل على الصعوبات التي تشهدها المصارف، تراجع مؤشر “يوروستوكس” للأسهم المصرفية الأوروبية الرئيسية بنسبة 30.7 بالمئة منذ يناير الماضي، وبلغ التراجع 1.8 بالمئة للأسبوع الماضي وحده.
وأوضح مكتب “أوكسفورد إيكونوميكس” للدراسات أن اختبار وضع المصارف حرك من جديد قلق الأسواق حيال “قدرة المصارف على زيادة أرباحها في ظروف من النمو الضعيف ونسب الفوائد المتدنية”.
وتتوقع الهيئة المصرفية الأوروبية أن يعاني 13 مصرفا من أصل 51 من تدهور كبير في نسبة رأس المال السهمي لديها، أي تقديمات المساهمين والاحتياطات والأرباح المخزنة، في مقابل الديون.
وسيكون الأكثر تضررا بين هذه المصارف في حال قيام أزمة حادة، مصرف بانكا مونتي دي باشي دي سيينا الإيطالي، ولو أنه حل في المرتبة الأخيرة بينها.
وحاول ثالث مصارف إيطاليا وأقدمها تهدئة المخاوف لا سيما وأنه يعاني من ديون مشكوك في تحصيلها تزيد قيمتها عن 24 مليار يورو (26.4 مليار دولار)، فأعلن إحالة قسم من هذه الديون بقيمة 9.2 مليار يورو، ثم زيادة رأسماله بخمسة مليارات يورو.
ويجسد المصرف بحد ذاته ومنذ عدة أشهر كل مخاوف المستثمرين خاصة حيال قطاع مصرفي إيطالي لا يتمتع بمستوى رسملة كاف ومشرذم بين حوالي 700 مؤسسة ويعاني من عبء 360 مليار يورو من القروض “الفاسدة”.
وعلق دمبيك على ذلك بالقول إنه “حتى لو كانت هذه المخاوف غير منطقية، لكن ما تمر به المصارف الإيطالية يظهر أننا بعيدون جدا على مستوى القطاع المصرفي الأوروبي”.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن ذلك لا يعطي انطباعا عن رؤية المصارف في وضع سليم لديها بيان ميزانية ممتاز، لذلك المستثمرون قلقون حول وضعها المالي الفعلي.
كما أكد أن ما يحصل في إيطاليا يطرح تساؤلات حول القطاع المصرفي الألماني أيضا، الذي يواجه “مخاطر أعلى بكثير”.
وسجل دويتشه بنك، أكبر مصارف ألمانيا، الذي يخوض عملية إعادة هيكلة، هبوطا حادا في أرباحه بلغ 98 بالمئة في الربع الثاني من السنة الحالية.
وبدأت عدة مصارف في تنفيذ أولى خططها والمتمثلة في تسريح الموظفين، وهو ما تطبقه معظم المجموعات الأوروبية الكبرى منذ العام الماضي، ما يسمح لها أيضا بالانتقال إلى الأنشطة الإلكترونية.
وثمة إجراء آخر يحقق نتائج فعالة خصوصا لدى المصارف الفرنسية، وهو تنويع المنتجات مثل إيجار السيارات لفترات طويلة والتأمين وطرح الديون.