مصر تعيد توجيه بوصلتها نحو أفريقيا

بعد أن نجحت مصر في تصحيح مسار علاقاتها مع عدد كبير من الدول الأفريقية، جاء الدور على دولة جنوب أفريقيا، التي اتخذت موقفا سياسيا حادا تجاه القاهرة، وبدأ الطرفان مرحلة جديدة لتذويب الهمة السياسية بينهما، والتي انعكست تأثيراتها على بعض القضايا المشتركة، وكادت تفضي إلى صدام، لكن المصالح والمخاطر المتقاربة فرضت إعادة النظر في العلاقات المتوتر، ووقف تدهورها.
وأكد مراقبون أن زيارة جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا للقاهرة، جاءت في إطار مساعي حكومة بريتوريا الحثيثة لرأب الصدع في العلاقات بين البلدين، خاصة بعد التوتر الذي شهدته عقب ثورة 30 يونيو 2013، حيث رفضت دولة جنوب أفريقيا الإجراءات التي اتخذت في مصر، وأدت لعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وقالت في حينه إنها “تخالف مواثيق وأعراف الاتحاد الأفريقي”.
وقوبلت هذه المواقف باستياء شديد من القاهرة، ودعت جنوب أفريقيا إلي عدم التدخل في الشؤون المصرية، وقالت في بيان رسمي “بدلا من التدخل في شؤون دولة أفريقية بحجم مصر، عليها أن تنظر في حقوق عمال المناجم الذين يعانون من أقصى درجات القمع في بلادهم”، وهو ما زاد الأزمة سخونة، ظهرت معالمها في بعض القضايا الأفريقية.
|
يبدو أن هذه الصفحة قد طويت بزيارة زوما للقاهرة، حيث جرى التأكيد على الروابط التاريخية بين البلدين، باعتبارها كفيلة ببدء صفحة جديدة، وفق حمدي لوزا، نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية في مصر، الذي قال لــ”العرب” إن “زيارة الرئيس زوما للقاهرة جاءت في إطار رغبة جنوب أفريقيا في تصحيح العلاقات بين البلدين”.
وأوضح لوزا أن الزيارة تحمل الكثير من الجوانب الإيجابية التي تعبر عن دعم جنوب أفريقيا لمصر في مواجهة الإرهاب، وتطلعها لاستعادة القاهرة موقعها في القارة الأفريقية، وتقدير دورها التاريخي في مساندة دولة جنوب أفريقيا ضد سياسة الفصل العنصري، مشددا على أن الزيارة نقطة تحول حقيقي في الموقف الجنوب أفريقي.
بدورها، أكّدت منى عمر، مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية في مصر (سابقا)، حرص القاهرة على أن تظلّ علاقاتها متميزة مع كافة لدول الأفريقية. وقالت عمر، في تصريحات لـ “العرب”، إن مصر حرصت في أعقاب ثورة 30 يونيو على تطوير علاقاتها مع دول الجنوب الأفريقي في ضوء ما تتمتع به هذه الدول من استقرار سياسي وتوافر للموارد الطبيعية والثروات المعدنية، وعضويتها في العديد من المنظمات الاقتصادية الإقليمية والدولية، والاستفادة من هذه الإمكانيات لتحقيق المصالح المشتركة، بالسعي لتعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل الاتفاقات في مجالات التعاون المختلفة.
وأشارت إلى أن لقاء القمة الذي عقد بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الجنوب أفريقي جاكوب زوما في سبتمبر الماضي على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، أكد مساندة جنوب أفريقيا لمصر في المرحلة الاِنتقالية، وفي حربها ضد الإرهاب، وتطلُع بلاده لاستعادة مصر لدورها الإقليمي.
وحول ما يتردد بشأن المنافسة بين البلدين للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي إن جنوب أفريقيا تتجه إلى دعم مصر للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي للعام 2016 – 2017، في إطار إيمانها بضرورة التمثيل العادل لأفريقيا بمقعد دائم في مجلس الأمن.
وشدّد أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية جامعة القاهرة، أن زيارة جاكوب زوما للقاهرة بالغة الأهمية، وتعد تحولا نوعيا في موقف جنوب أفريقيا من النظام السياسي المصري، موضحا أن أهميتها الكبيرة تأتي من الملفات التي طرحت للنقاش، حيث مست مصالح القارة الأفريقية وعلى رأسها المؤتمر الاقتصادي للتجمعات الرئيسية في القارة، الذي سوف تستضيفه مصر في يونيو المقبل.