نقابات الظل في سوريا يخفت بريقها أمام طول أمد الصراع

دمشق- تواجه النقابات البديلة عن تلك الخاضعة للنظام السوري وحزب البعث والتي ظهرت بعد الثورة وضعا صعبا جعلها مع مرور الوقت تفقد بريقها.
كان الهدف من تأسيس نقابات الظل هذه وفق المعارضة هو التأكيد على عدم الرضا عن النقابات الحالية المُسيطر عليها من قبل الأجهزة الأمنية أولا ومؤسسات حزب البعث ثانيا والفساد والمحسوبيات ثالثا، والتي فقدت دورها خلال العقود الماضية وتحوّلت إلى هيئات لا تخدم المنتسبين لها بقدر ما تخدم السلطة السياسية ومصالح كبار المسؤولين السوريين، كما أتت هذه المبادرة من المعارضة السورية للتأكيد على ضرورة المساهمة في إضعاف مؤسسات النظام القائم عبر وسائل احتجاج سلمية.
أولى البشائر كانت من الكتّاب والمفكرين، خاصة وأنها الشريحة الأكثر تضررا من بطش النظام وقمعه وتكميمه للأفواه طوال عقود، وفي هذا الإطار أعلن أكثر من 110 من المثقفين السوريين البارزين عن تأسيس (رابطة الكتاب السوريين) كبديل عن (اتحاد الكتاب السوريين) ومن أبرز قياديي هذه الرابطة صادق جلال العظم، فرج بيرقدار، نوري الجراح، ميشيل كيلو..
بعد هذه المبادرة التي قام بها الكتاب المعارضون للنظام، قرّر الفنانون السوريون المعارضون تشكيل كيان مشابه، حمل اسم (تجمع فناني ومبدعي سوريا الأحرار) بديلا عن نقابة الفنانين، وأعلنوا أنهم “باشروا البحث عن شرعية جديدة تطلق حرية الإبداع وتصون استقلاله ولا تساوم على حقوق الإنسان”، ومن أبرز المؤسسين لهذا التجمع الفنانون مي سكاف، سميح شقير، جلال الطويل، هالة العبد الله، أمل حويجة..
ومن جهتهم أسس المحامون المعارضون نقابة المحامين الحرة التي أعلنت بدورها عن إنشاء محاكم وطنية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ثمّ أسس المهندسون السوريون الأحرار رابطة لهم وكذلك فعل الأطباء والمترجمون والطلاب والقضاة وحتى موظفو الدولة، وأصبح عدد الاتحادات البديلة ونقابات الظل يقارب عدد النقابات التي سمح لها النظام بالعمل في كنفه.
اعتبر العديد من المراقبين أن تأسيس الروابط والاتحادات “الثورية” البديلة هي مواليد ديمقراطية للثورة السورية، بحيث بات بالإمكان لكل كتّاب سوريا وفنانيها وأطبائها ومهندسيها أن يعبّروا من خلالها بصراحة عن مواقفهم وآرائهم، وأن يكون لهم دور فعّال ومعلن في مساندة الثورة وفي استعادة الدور الطليعي لهذه الشرائح الأساسية في المجتمع.
في هذا المجال، قال المعارض السوري حازم نهار لـ”العرب”: “إن السير باتجاه تأسيس نقابات واتحادات جديدة حرة وديمقراطية ومستقلة عن النظام مهما كانت آراؤنا ومواقفنا السياسية هو أمر لا بدّ منه كبديل للنقابات والاتحادات الهزيلة والمسيَّرة من قبل النظام”.
ولم تؤد الجهود الفردية التي قام بها أفراد ومجموعات الغرض المطلوب منها، نظرا لضعف الإمكانيات المادية، وعدم وضوح برامج هذه النقابات، وخوفا من السلطات التي باتت تطرد كل من ينتسب لها من عمله إن كان موظفا حكوميا، بالإضافة إلى طول أمد الصراع في سوريا وعدم سقوط النظام بالسرعة التي كان يرغب فيها أو يتوقعها الكثير من السوريين.