هدى المبارك: الشوكة التي تصبح الأقوى فينا تظهر للعلن

تأتي تجربة الشاعرة السعودية هدى المبارك (مواليد 1988) ضمن سلسلة من التجارب الشعرية الشبابية، مراهنة على نفسها وعلى اختلافها وسط حمولات ثقافية، تنحدر من إرث التجارب السابقة منذ ستينات القرن الماضي حتى الآن. هذا الجيل حمل على نفسه أن ينبت من إرث آبائه، وأن ينطلق في فضاءات من الكتابة الجديدة مستعينا بثقافته وبتجربته الخاصة.
تقول هدى المبارك عن مجموعة “ضبابية متعمدة في كاميرا المحمول”: مناخات تجربتي محاطة بالأمل والكثير من الترقب، فقد كنت في حالة ترقب من المحيطين بي منذ الطفولة، وعقدت العزم على توثيق كتاباتي الإبداعية في مرحلة مبكرة من شبابي، أما بالنسبة إلى المناخات لما بعد النشر فأغلبها إيجابية أو محايدة، متعددة ولكن غير سلبية. وهذا هو المهم في هذه المرحلة”.
وتتابع المبارك قولها “كنت قاسية كفاية على نفسي، وقد أخذ مني تنقيح النصوص وتعديلها فترة زمنية تقارب العام، لذلك هذا التفاوت الموجود مطلوب من وجهة نظري، فالأحاسيس الموجودة في نصوصي القديمة تختلف عن نصوصي الأخيرة لكنها كلها تعتمد نفس آليات الكتابة، وكلها تختزل بصورة ضبابية متعمدة في مئتين وست عشرة صفحة”.
|
القارئ لنص هدى المبارك يلحظ أن هنالك جهة في نصوصها مسكونة بالحنين، ومشدودة إلى دفء العائلة بمعناها الوجودي. وكأن الشاعرة تحاول أن تشدّ الطمأنينة لبيتها الشعري.
التحيز ضد المرأة
من جهة أخرى يلحظ القارئ في مجموعة “ضبابية متعمدة في كاميرا المحمول” محاولات المبارك إلى تقمّص المرأة لذاكرة الرجل، فتسقط عليه الأمثال والحكم والقصص، وربما الأساطير، التي جاءت في الأصل ضمن نسق ذكوري عربي محض.
غير أن المبارك ترى في هذه القراءة تحيزا باتجاه الرجل. تقول “أولا، أنا أرى أن هذه النظرة متحيزة ضد المرأة مع الرجل، وضد الرجل مع المرأة. لا أرى في قاموس الكتابة أو حتى القراءة فرقا بين السياق الذكوري والأنثوي، نعم هناك فروقات سيكولوجية مُقدّرة بين الجنسين قد تظهر معالمها في الفنون المختلفة، ولكن لا يجب تضييق هذه الفنون علينا، وخصوصا الفنون الشعرية، فكل هذه الأساطير والحكم السابقة جغرافيات زمانية ومكانية وظفتها في نصوصي لخدمتها بالطريقة التي أراها مناسبة، ويحق لأي كان توظيفها ما دام يراها مناسبة له”.
وفي ذات الشأن، تتابع المبارك معلقة على أولئك النقاد الذين لا يرون أي تجارب شعرية نسائية في السعودية تستحق الإشادة والمتابعة، وأن الجيل النسائي الشعري الجديد يأتي ضمن مشهدية ثقافية متشابهة لا تمتلك بصماتها الإبداعية الخاصة.
|
الأيديولوجيا والشخصنة
يرى بعض النقاد أن إشكالية النص الجديد هو غياب القضايا القومية والوطنية الكبيرة، واهتمامه بشكل مباشر بكل ما هو مشخصن ضمن تجربة الشاعر أو الشاعرة في حدودهما اليومية.
وعن سبب جنوح معظم الشاعرات العربيات إلى النص الرومانسي/ العاطفي وهو نص متشابه بين جيل كبير من التجارب النسائية الشعرية.
تعلل المبارك لذلك قائلة “أليس التاريخ والثقافة الإنسانية يقولان إن المرأة عاطفية بطبيعتها فكيف نغير طبيعتها؟ من قراءاتي، ومتابعاتي، الرجل الشاعر يعتمد على العاطفة والرومانسية أكثر، بينما المرأة الشاعرة تسعى إلى اعتزازها الذاتي من خلال نصوصها، وتكتب بالرومانسية كوسيلة من وسائل الكتابة وليس كغاية للرومانسية”.